ميلاد يوسف: اعتذرت عن عدة أعمال شامية بسبب مشاركتي في (باب الحارة)
( من نجاح إلى نجاح ) .. ربّما هو عنوان صغير مكثف لكنه يختصر مسيرة فنية دأب صاحبها على العطاء والعمل من خلالها بكل جهد للارتقاء فيما يقدم فسعى للتنويع في الشخصيات التي أداها وترك عبر كل شخصية جسدها بصمته خاصة , إنه الفنان ميلاد يوسف الذي كان لنا معه هذا اللقاء :
• بعد انتهاء شهر رمضان هل ترى مبرراً للتخوف الذي سبق بِدء هذا الشهر من موضة أعمال البيئة الشامية وفخ التكرار الذي قد تقع فيه ?
- مما لا شك فيه أن الساحة مفتوحة والخوض في هذه الأعمال حق مشروع للجميع , إلا أن لدي تحفظ حول هذه المسألة عبر مشاركة الفنانين في أكثر من عمل عن البيئة الشامية , فأرى أن العقد الذي وقعته مع المخرج بسام الملا هو بالدرجة الأولى عقد أخلاقي في الالتزام بمسلسل (باب الحارة) كبيئة شامية حتى نهاية رمضان علماً أنني كنت من الأشخاص القلائل الذين التزموا به , فليس هناك مشكلة في أن يراك المشاهد في عدة أعمال اجتماعية لا تشبه بعضها البعض ولكن هناك خصوصية معينة تمتلكها أعمال البيئة الشامية لأن مفاتيحها حتى بالنسبة للممثل قليلة فستكون محكوماً بطريقة الأداء , وإن كان هناك تغيير في الكراكترات بين عمل وآخر فهي أيضاً قليلة , كما أن اللهجة ستجبرك على الكلام بالأسلوب ذاته وستتشابه الملابس وستكون طبيعة العلاقات بين الشخصيات محدودة وخاصة جداً وبالتالي ليس لديك هذا الانفتاح الموجود في الأعمال المعاصرة , ولذلك لم يأتِ التزامي مع المخرج بسام الملا من عبث , وإن تكلمنا بصراحة فقد رأيت عدة ممثلين شاركوا في أكثر من عمل بيئة شامية كانوا يشبهون بعضهم البعض رغم محاولتهم التلوين في الأداء فكان هناك ما يؤذي النظر , والممثلون هم أنفسهم في كل الأعمال البيئة الشامية التي اشتركوا فيها لأن مساحة اللعب ضيقة في هذه الأعمال وينبغي على الممثل عندما يُقدم عملاً خاصاً أن يحافظ عليه ويعي أن البيئة عمل خاص جداً له طبيعته وتفاصيله .. لذلك اعتذرت عن المشاركة في عدة أعمال شامية ومنها (بيت جدي) لأنني أشارك في باب الحارة .
• ألم تخشَ من تبدل موقف الناس من عصام في (باب الحارة) جراء التبدل الذي طرأ على أفعال الشخصية ?
- خرجت شخصية عصام في الجزء الثالث من إطارها المحدود الذي له خط بياني واحد لتتحول إلى شخصية ذات أبعاد من لحم ودم فكُتِب خطها البياني بتواتر جميل جداً , إنها شخصية تعيش انعطافات قوية وجاءت متطورة داخل الحبكة الدرامية حتى في منطق التفكير وأسلوب الأداء حيث تتحول مشكلات عصام الصغيرة إلى مشكلات كبيرة , كما أن تأثيره على الشخصيات المحيطة أصبح مؤثراً ونتيجة الضغوطات التي يعيشها من عائلته يبدأ المطالبة بإرث أبيه الأمر الذي قد يقف فيه بعضهم إلى جانبه ويرفضه البعض الآخر , ففي لحظة من اللحظات قد يأخذ المشاهد منه موقفاً , وبالتالي كانت شخصية إشكالية , والجمهور بشكل عام لا يحب الشخصيات السكينة , وإنما الشخصيات المتبدلة , يتعاطف معها بلحظة ويقف ضدها في لحظة .. هذه الشخصيات التي تترك أثراً لدى الناس .
• ألا ترى أن غياب أبو عصام قد أرخى بظلاله على العمل وإن بحلقاته الأولى ?
- الضجة الإعلامية التي جرت حمّلت العمل بفترته الأولى فكرة أن يكون فيه أحداث ضخمة وبرأيي أثّر هذا الأمر على المسلسل لأن دخول عناصر جديدة عليه فرض مرحلة تمهيدية لهذه الشخصيات , فلا تستطيع الدخول بالحدث بشكل مباشر قبل أن تعرّف المشاهد بالشخصيات ومن أين أتت وما أبعادها , فكان الأمر يتطلب عدداً من الحلقات لتبسط أمام المشاهد الخريطة الدرامية الجديدة للعمل , ولكن بعد الحلقة الثامنة عاد وجرى النهر بشكل صحيح وبالزخم المطلوب حتى أنه بين الحلقة عشرين وثلاثين كان هناك حبس أنفاس في العمل .
• كيف تعاملت مع شخصية الانتهازي في (رياح الخماسين) ?
- إنه شخصية الفهلوي في تلك الفترة , ورغم أن عدد مشاهد الشخصية قليل ولكنها أغرتني , فهي شخصية أعيها وأعي هؤلاء الأشخاص وكيف كانوا أصحاب سلطة وأن الخيوط ستمر من خلالهم , وأرى أن فترة الثمانينات هي من أغنى الفترات التي يمكن الكتابة عنها .
• إلى أي مدى يغريك دور الشرير ?
- لقد بت أحصي هذه الأدوار المشاكسة في السنوات الأخيرة , فعلى سبيل المثال مثلاً هذه السنة لدي دورا اغتصاب , وفي إحدى السنوات ضربت الرقم القياسي فيها (أربعة أدوار اغتصاب).. يبدو لأن وجهي من نوع (البيبي فيس) وعندما يختارونني لتأدية شخصية سلبية يحسبون حساب خط العودة لها لتكون مُقنعة عندما تتخلى عن القيم والأسلوب السلبي , أي لإظهار الوجه الإنساني فيها , علماً أنني كنت بعيداً تماماً عن أدوار الشر بعد تخرجي ولكن هذه الأدوار أضافت إليّ نوعاً من المقدرة على لعب أكثر من لون مما حقق لي نوعاً من التوازن .
• هل ترى أن هناك انحساراً لظاهرة الممثل السوري في مصر ?
- لقد انحسرت هذه الظاهرة بشكل جيد , وبشكل عام أرى أنه عندما تستقطب ممثلين ينبغي أن تستقطبهم لنجوميتهم وأدائهم , فقد شاركت هذا العام في عمل بحريني (ملامح بشر) وعندما طلبني المخرج للعمل قال إنه يريدني كما أنا بلهجتي وأدائي وانفعالي ولكنتي وحرفيتي وإلا فلماذا استقطبني كممثل سوري .. لأنه يريدني ممثلاً سورياً في العمل وليس أن يضعني ضمن قوالب مختلفة ويفرض علي لهجة أخرى ومن هنا ينبع جمال الاشتراك في تجارب مشتركة وهي تجارب احترامها .
موضوع: ميلاد يوسف: اعتذرت عن عدة أعمال شامية بسبب مشاركتي في (باب الحارة) 
الخميس فبراير 12, 2009 11:57 pm
