الممثل السوري ميلاد يوسف لـ''الخبر''
نجوم مصر أقدر من غيرهم على التعبير عن قضاياهم / الدراما المصرية لم تتطور وظلت حبيسة قالب واحد، عكس ما نراه في السينما
الممثل السوري ميلاد يوسف لـ''الخبر''
نجوم مصر أقدر من غيرهم على التعبير عن قضاياهم / الدراما المصرية لم تتطور وظلت حبيسة قالب واحد، عكس ما نراه في السينما
تأسّف الممثل السوري، ميلاد يوسف، أحد أبطال ''باب الحارة''، المسلسل الأكثـر مشاهدة في العالم العربي، من تحوّل نجوم الدراما السورية إلى مجرد أصوات تبنّت ما وصفها بالسياحة التركية، مؤكدا رفضه لركوب هذه الموجة، كاشفا أنه يستعد للعودة إلى الحارة الشامية من بابها الذي سيفتح قريبا.
بداية إلى أين وصل مشروع الجزء الرابع من باب الحارة، خاصة وأنه وصلنا أن خلافات بين المخرج بسام الملا وكاتب السيناريو مروان قاووق، قد ترهن العمل.
- الحمد لله تم تجاوز الأزمة بين المخرج والكاتب، والتحضير جار لبداية التصوير المنتظر انطلاقه في أفريل المقبل، فكتابة السيناريو في مراحلها الأخيرة، والأكيد أن الجمهور العربي سيتمتع بالجزء الرابع من باب الحارة في شهر رمضان القادم إن شاء الله.
شخصية عصام التي تجسّدها في العمل شهدت تطورا في الجزء الثالث، لكن شخصية الرجل السلبي والمزواج تحظى بتعاطف الجمهور، مثلما حدث مع كل من ''أبو شهاب'' و''معتز''.
لا أتفق معك في وصف شخصية عصام بالسلبية، بل بالعكس، أنا أرى أن عصام أكثر شخصية حية وواقعية في العمل، وهي عكس باقي الشخصيات النمطية، تحمل كل المزايا الإنسانية بتناقضات النفس البشرية، فهي انفعالية وسلبية وإيجابية، تحمل روح الوطنية، ضعيفة أحيانا وقوية أحيانا أخرى. هي شخصية موجودة في عالمنا العربي، وليست من وحي الخيال.
وبالنسبة إلي كممثل، أعتبر أن الاشتغال على هذه النوعية من الأدوار تحد، لأنه ينقلني لمعايشة كل المستويات والتقلبات في شخصية واحدة، وأعتقد أن هذا النوع من الشخصيات يترك أثرا كبيرا عند المشاهد، رغم أنها ليست من النمط الذي يتفاعل معه الجمهور.
يرى البعض أن باب الحارة تجربة يجب أن تتوقف، خاصة وأن الجزء الثالث قلّ وهجه ولم يحقق نجاح الجزأين الأول والثاني؟
- رغم كل ما قيل عن الجزء الثالث من ''باب الحارة''، ومقارنته بباقي الأجزاء، أرى أن العمل كان مميزا على كافة الأصعدة، فكل الشخصيات أخذت حقها في اعتقادي، والأحداث في المسلسل عرفت تطورا في خطها الدرامي، لكني أعتقد أن حصول قناة واحدة على حق البث الحصري ـ عكس السنوات الماضية ـ أفقد ''باب الحارة'' جمهورا واسعا، كما أن العمل لم تتم إعادة بثه بعد رمضان مثلما حدث مع باقي الأجزاء، فبالنسبة إلى العرض الرمضاني غير مكتمل، ولا يكفي وحده لتحقيق الصدى المرجو، ولا يترك فرصة أخرى للمشاهد حتى يقيّم العمل ويحكم عليه.
أنت تفتح هنا ملف القنوات المشفرة، والتي تعرض أعمالا سورية ضخمة لفئة قليلة من الجمهور؟
- بالفعل، فأنا كممثل أحرص كل الحرص على الابتعاد عن الأعمال التي أعرف مسبقا أنها ستعرض على قنوات مشفرة، رغم المغريات المادية الكبيرة، لأني مدرك تمام الإدراك أن هذه القنوات ليست متاحة للجمهور العربي العريض، بل تستهدف جمهورا خاصة وفئة محدودة، وأنا أسعى دائما للاشتراك في الأعمال الجماهيرية، فهذا توجهي الفني، ولا أرى هدفا من الاشتراك في عمل لن يشاهده الجمهور.
شاركت هذا الموسم في عدة أعمال قدمت في أجزاء، ألا تظن أن كثرة الأجزاء تضر بنجاح الجزء الأول، وتدخل المشاهد في حالة من الرتابة بتطويل الأحداث؟
- الأجزاء تفرض على الممثل فرضا، وهي لعبة إنتاجية ليس للممثل خيار فيها، واستمراري في أداء الشخصيات التي قدمتها في أجزاء، في كل من ''باب الحارة'' و''حاجز الصمت'' و''الخط الأحمر'' و''عصر الجنون''، هي رغبة مني في أداء واجبي في هذه المعادلة، فأنا لا أحب أن أكسر شخصية صنعت نجاحها، وأحبها الجمهور بتمثيل ميلاد يوسف.
أنت غائب عن الأعمال التاريخية، إذا استثنينا ''الزير سالم''، هل هو موقف من هذا الجنس الدرامي؟
- هو ليس موقفا من الأعمال التاريخية، لكنها معادلة اخترت عدم الخوض فيها، فأنا أفضل تقديم أعمال قريبة من واقعنا وعصرنا، على غرار تجربتي في ''التغريبة الفلسطينية''، المسلسل الذي ناقش نكبة فلسطين، وشاركت فيه رغم صغر حجم الدور.
ثم ظروف تصوير الأعمال التاريخية صعبة، انطلاقا من ركوب الخيل والملابس الخاصة والإكسسوارات، هي عملية معقدة، ومواضيع هذه النوعية من الأعمال تدور في أغلبها حول بطل واحد، فبالنسبة إلي هذه النوعية من الأعمال لا تحقق الصيت للممثل، وأفضل تقديمها في السينما وليس في ثلاثين حلقة تلفزيونية.
تحدثت عن السينما، فأين أنت من الفن السابع الذي نعرف أنه غائب في سوريا؟
- العمل في السينما هو حلم وهاجس بالنسبة إلى الممثل السوري، الذي يتمنى أن تضم مسيرته الفنية أفلاما سينمائية، لكن السينما غائبة أو مغيبة عندنا في سوريا لظروف معينة، والأمل في بعثها قائم. ونحن نحاول تعويض هذا النقص في أعمال مشتركة، وتنتظرني قريبا مشاركة في فيلم سينمائي كويتي وآخر سوري ـ لبناني.
عصام أكثـر شخصية حية وواقعية في العمل، وهي عكس باقي الشخصيات النمطية، تحمل كل المزايا الإنسانية بتناقضات النفس البشرية
على ذكر الأعمال المشتركة، أنت انتقدت توجه نجوم سوريا للعمل في مصر، لماذا هذا الموقف؟
- أنا ضد قولبة الممثل السوري بوضعه في المكان غير الصحيح، فمصر تملك في اعتقادي نجومها القادرين أكثر من غيرهم على التعبير عن قضاياهم، وليسوا في حاجة إلى استيراد نجوم من أقطار أخرى. ثم الدراما المصرية لم تتطور وظلت حبيسة قالب واحد، عكس ما نراه في السينما المصرية.
هل يعني هذا أن باب العمل في مصر مغلق نهائيا بالنسبة إلى ميلاد يوسف؟
- هو كذلك، إلا في حالة تقديمي لشخصية تتحدث باللهجة السورية، وهذا ليس تعصّبا مني تجاه لهجة عربية أخرى، لكني لا أحب أخذ مكان غيري، وأحرص دائما على أن يتأسّس عملي على معادلات صحيحة، أكون فيها متواجدا في مكاني الصحيح، على غرار تجربتي هذه السنة في المسلسل البحريني ''ملامح بشر''، التي قدمت فيها شخصية مهاجر سوري.
ألا تظن أن ضعف أجر الممثل السوري، مقارنة بنظيره المصري، سبب رئيسي لهجرة الممثلين السوريين؟
- ربما، لكني أعرف أن أجر النجم الأول والثاني، هو المرتفع مقارنة بباقي الممثلين، ونحن في سوريا رغم أننا نتمنى أن تدفع عجلة الإنتاج أكثر، فأجورنا كلها متقاربة إن لم تكن متساوية، ولا نعرف في سوريا أجر النجم، ولا يجب أن ننسى أن الدراما في مصر تحظى بدعم القطاع العام.
وماذا عن دبلجة الأعمال التركية إلى السورية، كيف ترى هذه الظاهرة، وهل أنت مستعد للمشاركة بصوتك في الدبلجة؟
- أبدا، لن أركب الموجة التركية، وهذا الموضوع غير مطروح بالنسبة إلي، لأن مشاركتي فيها لا تعني لي شيئا، فأنا رفضت عدة عروض لدبلجة أعمال درامية تركية، التي أعتبرها مجرد سياحة لا أكثر ولا أقل، مواضيعها بعيدة عن واقعنا. وحقيقة يؤسفني كيف تحوّل الممثل السوري إلى مجرد صوت، ونحن نعلم أن الممثل الحقيقي هو مجموعة من الأحاسيس والمشاعر، وأنا على ثقة تامة بأن هذه الحركة ستتوقف، لأن الأصل هو الأبقى.
تعتمد الدراما السورية على البطولة الجماعية، وبنجوم شباب غالبا، فكيف هي المنافسة مع أبناء جيلك، هل هناك غيرة؟
- هي غيرة فنية لا غير، فصداقة قوية وجميلة تجمع بيننا بعيدا عن مناخ التصوير، والغيرة الفنية علامة صحية، لأن تميز أحدنا في عمل ما، يعتبر محفزا للآخر.
انتقدت مؤخرا أحد أهم الأعمال الكوميدية وأقدمها في سوريا، وهو ''بقعة ضوء''، لماذا اتخذت هذا الموقف؟
- هذا صحيح، فأنا اعتبر هذا العمل محرقة للأفكار، فمن جملة المواضيع التي طرحتها ''بقعة ضوء''، كان يمكن تقديم فيلم أو عمل درامي معاصر، بدل تقديم كل فكرة، على أهميتها، في حلقات منفصلة.
شاركت في عملين دراميين ناقشا استفحال مرض ''السيدا'' عند الشباب العربي، فهل هو اختيار منك لتبني قضية الإنسان؟
- بالفعل أعتز بمشاركتي في كل من ''حاجز الصمت'' و''الخط الأحمر''، إلى جانب ''أبناء القهر''، العمل الذي قدمني إلى الجمهور العربي العريض، وشخصية ''نوار'' المصاب بالسيدا في العمل، أقرب شخصية قدمتها إلى قلبي. ثم أنا أركز في انتقاء أدواري على هذا النوع من القضايا التي تمس حياة شبابنا، لأن الممثل يجب أن يكون قريبا من هموم أمته، ولا ينبغي له أن يترفّع عن جمهوره.
تميل الدراما السورية في السنوات الأخيرة لمناقشة قضايا الفساد، المافيا، المال والأعمال، وغيرها من المواضيع المعقدة، لماذا هذا التوجه؟
l هذا تطور طبيعي لمجموعة الأفكار التي طرحتها الدراما السورية، فهي اليوم تجاوزت مرحلة التأسيس إلى مرحلة النضج، كما أن ميزة وحلاوة الدراما السورية، يكمن في أن مواضيعها متجددة، وتحكي المجتمع من كل زواياه.
وما هي مشاريعك القريبة؟
- أنا حاليا بصدد تصوير مسلسل معاصر يتناول المقاومة في فلسطين 2008، عنوانه ''سفر الحجارة''، وهو من إخراج يوسف رزق وسيناريو هاني السعدي، وأجسّد في العمل شخصية وليد، الصحفي والمخرج السوري، الذي يخترق الحدود لينقل تفاصيل الحرب القذرة التي يشنها الصهاينة على أهلنا في فلسطين، خاصة وأن إعلام العدو ينقل صورة مشوهة عن الواقع.
وأنا سعيد حقا بمشاركتي في هذا العمل، والذي يعتبر إنتاجه مغامرة، لأن أغلب القنوات العربية تتحفّظ على بث وإنتاج هذه النوعية من الأعمال التي تراها غير مربحة تجاريا، رغم أنها تمس قضايا من واقعنا. وأشارك أيضا في مسلسل من بيئة الساحل، ومنطقة ''اللاذقية'' بالتحديد، عنوانه ''موج البحر''، وهو عمل معاصر يتناول قضايا الفساد والعلاقات الاجتماعية، في انتظار الشروع في تصوير الجزء الرابع من ''باب الحارة''.