أثبتت تاج حيدر أو قطر الندى، صواب رفضها لباب الحارة
ما بين دور تاج حيدر الأول، في مسلسل «الزير سالم» للمخرج حاتم علي، ولم تكن تجاوزت الثلاثة عشر ربيعاً، ودورها الأخير في مسلسل «أهل الراية» للمخرج علاء الدين كوكش، تبدو الممثلة السورية الشابة وكأنها حافظت على ملامحها الطفولية في المواثيق الدرامية المتتالية التي ميزتها منذ أن لعبت دور اليمامة الصغيرة في المسلسل الأول. وتاج التي لعبت أدواراً أخرى في مسلسلات سورية عدة، أظهرت مقدرة لافتة في طريقة التعبير عن نفسها بالاختيار الذكي لأدوارها من دون أن يبدو عليها أنها تستعجل شهرة من أي نوع، ما مكنها بالتالي من تجاوز «امتحانات» موسمين دراميين متتالين بامتياز. وقد أثبتت في هذا الموسم بقبولها وأدائها دور قطر الندى، ابنة الزعيم أبو الحسن (جمال سليمان) التي تعاني ظلم وجور الخالة زوجة الأب التي تسببت بشرودها وتيهها في حارات الشام. إنها صاحبة احساس مدرب يمكنها من اختيار الدور المناسب في زحمة درامية تلفزيونية لا تكاد ترحم نجما أو كومبارساً. وهي عندما رفضت أخيراً أن تؤدي دور «جميلة» في الجزء الثالث من مسلسل «باب الحارة» قيل الكثير في أسباب رفضها، ولكن بعد فض سيرة هذا المسلسل أثبتت تاج حيدر أو قطر الندى، صواب رفضها. فبالكاد سيتذكر المشاهدون من هي الممثلة التي وقفت مكانها في دور جميلة، لأن الدور نفسه كان باهتاً وتكميلاً لمسرحية اقصاء «والدها» في المسلسل أبو عصام.
جاء أداؤها لدور قطر الندى، وهو الدور الوحيد الذي قبلت به في هذا الموسم، ليكشف عن قدرة في انتقاء الدور الذي يمكنه أن يبقي على الممثل طويلا في ذاكرة الناس عبر جهاز قليلاً ما يفسح مجالاً لأحد لأن يظل فيه فترة طويلة.
والآن بعد اكتمال دورة المسلسلات كلها التي تبارت في هذا الموسم وبصرف النظر عن مستوياتها، سيخرج المشاهدون بتقويماتهم المختلفة للشخصيات التي عاشت معهم على مدى شهر بأكمله، والأكيد أن قطر الندى ستحتل مساحة لا بأس بها في ذاكرة هؤلاء الذين سينتقلون إلى مسلسلات أخرى بغية شحن الذاكرة بسحر ومضاء وقصص نجوم آخرين يتنقلون بأدوارهم بين المسلسلات الكثيرة التي تعرض عليهم حتى ليكاد المرء يأرق وهو يبحث عن علامات فارقة تميزهم أو تميز أدوارهم في هذه الزحمة الدرامية الكبرى.
منذ اليمامة وحتى قطر الندى لم تتغير ملامح الصبية التي حملتها تاج حيدر. ربما بقيت على حالها وكأنها لم تفارق محياها، ولكنها أصبحت بحدسها تدرك أين يقع الدور الذي سيذكره المشاهدون حتى لو تعرضوا لـ «ضربة شمس» من ألف مسلسل في موسم واحد، وهنا بالضبط يسقط الفارق بين السينما والتلفزيون الذي يقول دائماً ان الأولى تحفظ الذاكرة من التلف والضياع، فيما الثاني يكون مسبباً لهما.