'قلوب صغيرة' يرصد معاناة أطفال الشوارع في سوريا
عمار رضوان يكتفي بتسليط الضوء على المخاطر التي تواجه المشردين دون معالجتها 'لأن ذلك ليس من مهمة الدراما'.
بخلاف أعماله السابقة التي تحمل في طياتها مزيجا من الرومانسي والكوميدي والتاريخي، يحاول المخرج السوري عمار رضوان تقديم نموذج درامي اجتماعي جديد يتسم بالمعاصرة والجرأة لطرحه قضايا إشكالية هامة باتت تؤرق المجتمع السوري.
ويغوص رضوان في عمله الدرامي الجديد الذي يحمل عنوان "قلوب صغيرة" في مناطق العشوائيات وبين الأرصفة وفي معاهد الإصلاح ودور الرعاية، باحثاً عن أطفال شردهم الجوع وظلم ذي القربى، ووجدوا أنفسهم فجأة في الشارع فأخذوا يبحثون عن مكان يأويهم قبل أن تلتقطهم دور الرعاية الاجتماعية التي ربما لن تكون أفضل حال من الأماكن الأخرى.
رصد معاناة أطفال الشوارع
ويؤكد رضوان أن العمل الذي كتبته ريما فليحان بمشاركة الفنانة يارا صبري وتنتجه شركة غزال للإنتاج الفني، يحاول تسليط الضوء على معاناة أطفال الشوارع والمخاطر التي يتعرضون لها، مشيراً إلى أن "هناك أعمالاً درامية كثيرة طرحت هذه المشكلة ولكن بشكل بسيط وغير عميق، نحن نحاول رصد المشكلة والبحث عن أسبابها والنتائج التي أدت إليها، طبعا نحن لا نحاول خرق تابوات، ولكننا نتحدث بشيء من الدلالة والمباشرة، لأن الهدف هو تسليط الضوء على هذه الظاهرة وليست معالجتها لأن ذلك ليس من مهمة الدراما".
ويقول رضوان إن فكرة العمل تقوم على وجود مستشارة اجتماعية (يارا صبري) تقوم بفتح بعض الملفات الخاصة بعدد كبير من الأطفال في دور الرعاية، وبالتالي دراسة كل ملف على حدة ومعرفة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي قادت صاحب الملف إلى الانحراف أو التسول وغيرها.
ويشير إلى أن العمل تم تصويره في أكثر من 220 موقعاً، بمشاركة حوالي 420 ممثلا أبرزهم: منى واصف وسلوم حداد ويارا صبري وماهر صليبي وأمل عرفة وكندة حنا وسوزان سكاف وعاطف حوشان، إضافة إلى عدد كبير من الأطفال (حوالي خمسين طفلاً).
العمل يحمل رسالة اجتماعية
وتشير الفنانة يارا صبري إلى أنها تؤدي شخصية "سلام" وهي امرأة متزوجة في الثلاثينات تمتلك شخصية حساسة وقوية في ذات الوقت وتعمل كمحاسبة في إحدى الشركات إضافة إلى عملها كباحثة وناشطة اجتماعية، كما تكتب في موقع الكتروني.
وحول تجربتها الأولى في الكتابة تقول صبري "دائماً نختار دوراً ضمن موضوع كتبه آخرون لا علاقة لنا به وأحس أن التمثيل تابع لأحد ما، ما جعلني أفكر دائماً وخلق عندي شعوراً بأنه يجب أن أقدم شيئاً أحبه وأساهم في كتابته، وعندما التقت رغبتنا أنا وريما لنقدم عملاً يحمل رسالة كان قلوب صغيرة، وهو بالنسبة لي بداية مشروعي الخاص بالدراما أو التوجه الذي أحب أن أتوجه إليه، قد تكون المواضيع مختلفة في المستقبل ولكن لها علاقة بحياتنا ومجتمعنا، وهو الشيء الذي أرى أنه كدراما مسؤوليتنا أن نقدمه، وذلك للدور الكبير للتلفزيون في حياة الناس".
من جانبه يكتفي الفنان عاطف حوشان بالقول "أؤدي شخصية أبو فيصل وهو محاسب في إحدى الجمعيات الخيرية يقوم بأكل أموال الأطفال اليتامى"، فيما تشير الفنانة سوزان سكاف إلى أنها تؤدي شخصية مرشدة اجتماعية على الأطفال اليتامى، تتم عدة محاولات لاستبعادها لكنها تتمسك بعملها من منطلق إنساني.
أما الفنانة كندة حنا فتقول إنها تؤدي شخصية شابة صغيرة تدعى "سناء" تتعرض للاغتصاب من خلال جدها الذي يراهن عليها بعد خسارته للعبة مقامرة، حيث يقوم الأخير ـ لتغطية جريمته - باتهامها ووالدتها بممارسة الفاحشة ويقنع والدها بذلك، وتبعا لذلك تتعرض لضغوط كبيرة من عائلتها وخاصة بعد أن تضع طفلها، كما تدخل لاحقاً للسجن.
ويشير الفنان الشاب سامر كحلاوي إلى أنه يؤدي شخصية الصحفي "إياد" الذي يعمل في إحدى الصحف الرسمية، ويحاول أن يساعد "سلام" التي تلجأ له لتسليط الضوء على بعض القضايا المتعلقة بالأطفال اليتامى والمشردون، وبناء على ذلك تتم ملاحقته ويحال إلى القضاء ويحاكم لاحقاً.
إنتاج ضخم وصعوبات كثيرة
ويقول مدير الإنتاج ماجد صليبي إن العمل واجه صعوبات كثيرة بسبب كثرة أماكن التصوير والتقنيات الكبيرة المستخدمة في العمل "نظراً لأنه يتم التصوير في طقس شتائي، ونضطر أحيانا لخلق هذا الطقس في حال عدم وجوده" مشيراً إلى الكلفة الإنتاجية الكبيرة للعمل، دون أن يذكر الميزانية المخصصة له.
فيما يؤكد مدير التصوير خليل سلوم أن العمل تم تصويره بتقنيات متطورة (ديجيتال بيتيكام)، مضيفاً "حاولنا بإمكانياتنا المتواضعة وتقنيتنا الجيدة أن ننافس عدد كبير من الأعمال الدرامية العربية والأجنبية".
ولا يخف خليل وجود بعض الصعوبات التي واجهته خلال التصوير، وخاصة بوجود عدد كبير من الأطفال "الذين عادة ما ينظرون للكاميرا وتبذل جهداً في التعامل معهم، ولكنه يؤكد أن العمل مع الأطفال "يبقى ممتعاً رغم كل شي".