صفاء رقماني: "الخط الأحمر" تنبيه وتحذير للمجتمع

صفاء رقماني: "الخط الأحمر" تنبيه وتحذير للمجتمع

تعتبر النجمة السورية صفاء رقماني من أفضل الممثلات اللواتي جسدن أدوار الجرأة والإثارة في الدراما السورية الاجتماعية المعاصرة. وفي مسلسل “الخط الأحمر” فرض مشهد الاعتداء الذي تتعرض له نفسه على كل مشاهد الدراما العربية حتى قيل إنه أشبه بمشهد سينمائي.

كيف تنظر رقماني إلى هذا المشهد؟ وكيف ترد على منتقديه؟ وهل في الأمر مبالغة وابتذال كما قيل؟ أو أن هناك ضرورة درامية تفرضه؟ وما رأي الفنانة الشابة في المسلسلات الاجتماعية ككل والقضايا التي تعالجها؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحناها في حوار أجرته “الخليج” معها.

• لنبدأ من مسلسل “الخط الأحمر” والمشهد المثير الذي أديته وتضاربت الآراء حوله.. ماذا تقولين عنه ؟

- المشهد في الحقيقة كان مثيراً وغريباً بعض الشيء بالنسبة إلى الدراما السورية، وهو أقرب ما يكون إلى مشهد سينمائي لكن من تابع المسلسل وتأمل فكرته سيجد أن المشهد كان ضرورياً ومطلوباً ويخدم العمل وسير قصته.

هناك من قال إن المشهد كان مبتذلاً ومبالغاً فيه وإنه كان بالإمكان حذفه أو عدم تمثيله في الأساس ولذلك دواعٍ اجتماعية وربما دينية، وأنا أحترم تلك الآراء لكن في الوقت نفسه لم يكن الأمر صريحاً إلى درجة تدعو إلى الاستفزاز، فالمخرج أراد تسليط الضوء على حالات اعتداء على الفتيات درجت في السنوات الأخيرة في سوريا على نحو غير مسبوق من حيث الكثرة، وفي الوقت ذاته أراد إيصال فكرة تفيد بأن من يقوم بهذا الاعتداء إنما يسير بقدمه نحو التهلكة، وذلك حين أقدم الأشرار الثلاثة على الاعتداء على الفتاة المصابة بالإيدز في مركز معالجتها من دون أن يعلموا أن هذا المكان هو لمرضى الإيدز.

• لكن هناك من قال إن ذلك المشهد تحديداً قد يكون مقدمة لمشاهد مثيرة أخرى في الدراما السورية ؟

- الأمور تتوقف على طبيعة المسلسل الذي يعرض وليس على مزاج الكاتب أو المخرج، فليس من الصحيح بمكان أن يعرض مشهد مثير ولو بالإيحاء في مسلسل مثل “باب الحارة” لأنه كما يعرف الجميع يتكلم بفكرة تفيد بأن الأخلاق العالية هي أولا في مجتمع ما. لكن حين يدور المسلسل حول مجتمع معاصر ويريد محاصرة أخطائه وأمراضه وأخلاقه المنهارة فإن مشهداً كهذا وربما أكثر منه عدداً ونوعية يمكن أن يعرض وليس في الأمر ضير.

• أنت ممن تألقوا في المسلسلات الاجتماعية المعاصرة، وبخاصة مسلسلات المخرج يوسف رزق.. وأنت كمتابعة لا كمشاركة.. ألا ترين أن هناك بعض الابتذال والمبالغة في الوصف والعرض ؟

- شخصيا لم أر هذا الابتذال أو المبالغة وكل ما تم عرضه في المسلسلات الاجتماعية سواء كانت للمخرج يوسف رزق أم لغيره من المخرجين هو صور مأخوذة من المجتمع.

هل الاعتداء على الفتيات الذي يتم تجسيده في المسلسلات هو صورة أتى بها الكاتب من بنات أفكاره؟ هل ازدياد حالات الإصابة بمرض الإيدز هو تصور شخصي من الكاتب أو المخرج؟ هل تفشي مرض تعاطي المخدرات، والتهريب المؤذي للبلد فكرة ذاتية من هذا أو ذاك؟ هل الخيانات الزوجية أو حمل الفتيات قبل الزواج حالات لاتحدث في المجتمع؟ إذا كان كل ما يتم عرضه صحيحاً وتنشره الصحف ويتداوله أبناء المجتمع فإن كل شيء مباح للعرض إلا إذا أراد البعض أن نغض الطرف عن أخطاء المجتمع ونصوره على أنه مجتمع ملائكي معصوم عن الخطأ، وعندها سنكتفي بعرض مسلسلات (ليلى والذئب، والأميرة والأشرار السبعة).

• ليس المقصود الأفكار التي يعالجها العمل وإنما طريقة التعاطي معها.. هل يعقل أن يكون معظم أسرة “الخط الأحمر” في مصح الإيدز وأسرة العمل تمثل المجتمع ؟

- تقصد بسؤالك أنه هل يعقل أن معظم أبناء المجتمع السوري مصابون بمرض الإيدز؟ الأمر ليس كما يراه الكثيرون، صحيح أن أسرة العمل تمثل بشكل أو بآخر المجتمع، وصحيح أن معظم أفراد تلك الأسرة دخلوا المصح بسبب الإصابة لكن ليس المقصود هنا أن المجتمع السوري فيه نسبة عالية مصابة، وإنما قصد المخرج والكاتب أن أبناء المجتمع يوماً ما سيكونون جميعاً وليس معظمهم في ذلك المصح إذا لم يتم تدارك الأمور والوقاية من هذا المرض الذي لا علاج له. فالمسلسل هو وجبة استباقية تنبيهية لأبناء المجتمع، تفيد بأن هناك حالات ينتقل فيها “الإيدز” لا يعرفها المواطن العادي مثل فرشاة الأسنان التي جسدها طفل ينظف أسنانه بها وهي لأخيه الأكبر المصاب. إذاً المقصود بكثرة عدد المصابين هو توعية الناس وليس تصوير مستقبلهم مرضى بهذا الداء الذي لا دواء له.

كثرت نعم، لكنها ليست كافية حتى الآن لأن المشاهد العادي ما يزال يتابع المسلسل كدراما رمضانية ولا يركز تفكيره وانتباهه على النقاط الحساسة فيه. وإذا كانت المسألة قد تكررت أكثر من مرة فإن أوجهها تعددت، فمثلاً قبل سنوات قليلة كان تناول “الإيدز” يتم بصورة العلاقات غير السليمة، وبعد ذلك تم الانتقال إلى مسألة العدوى بحيث ينتقل المرض من شاب إلى آخر عبر الدم بسبب ضعف ثقافة الإنسان العادي في التعاطي بينه وبين الآخرين.

وبعد أن ترسخت تلك الفكرة في ذهن الكثيرين وأدت الغرض، انتقل المخرجون ومنهم يوسف رزق إلى مسألة انتقال العدوى عبر الوشم الذي يرسمه الشباب على أيديهم بإبرة ربما لا تكون معقمة، وهنا برزت الفكرة التي تنهى الشاب عن ظاهرة الوشم بطريقة أخرى أكثر جدوى.

وفي “الخط الأحمر” تطور الأمر ليصبح الفرد مصاباً عبر استخدامه فرشاة أسنان غيره إذا كان الأخير مصاباً، وهذا ما لم يكن يعيه السواد الأعظم في المجتمع.

إذاً المسألة تكررت لكن عبر تطور زمني وآلي لافت، كما أن التوجيه والتوعية في أي مكان يلزمهما التكرار لأن التكرار هو الأساس في زرع الأفكار الصحيحة في أي مجتمع.

آراء موحدة

بالنسبة لي أعتقد أنني قدمت نفسي كما يجب وقدمت مشهداً درامياً أشبه بالسينمائي وتضارب الأفكار حوله إشارة إيجابية إلى طبيعة المشاهد السوري والعربي إذ لا يجب أن تبقى الآراء موحدة حول أي قضية.

إرضاء للنقاد

إن الانتقادات كانت توجه قبل سنوات للدراما السورية على أنها دراما تدعي المعصومية وكانت المطالبة بأن يتم نقل الصورة المصرية مثلاً في الدراما إلى مسلسلاتنا وبالتالي عرض مشاهد مثيرة بالإيحاء على الأقل، فلماذا حين يلبى طلب كهذا تنقلب الأمور رأساً على عقب؟ أخشى أن يأتي يوم لا يعرف فيه المخرجون ماذا سيفعلون ارضاء لانتقاد من هذا أو ذاك.

سفر الحجارة

سأكون موجودة وبقوة في أي مسلسل اجتماعي معاصر يوجه الناس نحو الصحيح ولو بأدوار مشابهة لتلك التي قمت بها سابقاً والرسالة لا تؤدى في سنتين أو بعملين ولا بأكثر من ذلك.

وفي رمضان المقبل سأكون موجودة في مسلسل “سفر الحجارة” للمخرج يوسف رزق والكاتب هاني السعدي وهو مسلسل يعالج شيئا ما من القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة ويأخذ الطابع الاجتماعي المعاصر وفيه أتعرض للاعتداء على يد شبان “إسرائيليين” في موقف مؤثر، وفي هذا المشهد تكرار لمشهدي المثير في “الخط الأحمر” لكنه التكرار المطلوب لأن غرض المسلسل هو فضح ممارسات الصهاينة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

» صور إمارات رزق في الخط الأحمر
» مسلسل الخط الأحمر
» صور ميلاد يوسف في الخط الأحمر
» روعة ياسين تجسد دور فتاة فلسطينية مناضلة... وتدافع عن الخط الأحمر
» أغلبيت مقاطع ( دانيال ) في الخط الأحمر